الثلاثاء، 10 مايو 2016

الكشف والمشاهدة في المعتقد الصوفي (الفتى السني )

لعل للموضوع صلة كبيرة بتلك الحلقات التي أعاننا الله على نشرها في الأسبوع الماضي ، والمتعلقة ب"علم الظاهر والباطن"
نواصل فنقول ـ والله المستعان ـ :
ترقى المتصوفة في قضية الكشف عندهم فزعموا أولاً أن الصوفي يكشف له معان في القرآن والحديث لا يعلمها علماء الشريعة الذين سموهم بعلماء الظاهر، والقراطيس والآثار التي ينقلونها عن الموتى..، وأما هم فيلتقون بالرسول صلى الله عليه وسلم يقظة أحياناً، ومناماً أحياناً، ويسألونه ويستفيدون منه هذه العلوم ثم ترقوا فقالوا: إن لنا علوماً ليست في الكتاب والسنة نأخذها عن الخضر الذي هو على شريعة الباطن وهو الذي يمد الأولياء بهذه الشريعة، فموسى، ومحمد، والأنبياء، على شريعة ظاهرة، وأما الخضر فهو على شريعة باطنة يجوز فيها ما لا يجوز في الظاهر، فقد قتل الغلام بغير ذنب، وكسر السفينة لمن حملهم بغير نوال، وبنى الجدار إحساناً منه لمن أساء إليهم.. ومثل هذا ينكره أهل الظاهر كما أنكره موسى، ونحن في الباطن على شريعة الخضر وهو يلتقي بنا ونتعلم منه علوماً خاصة ينكرها أهل الظاهر لجهلهم..
والعجيب أنه كان من هذا الدين الباطن الذي زعموا أخذه عن الخضر إتيان (الحمارة)، والزنا، وشرب الخمر، واللواط، والتعري، والصراخ في الطرقات، وسب المؤذنين للصلاة، وسب الأنبياء والإدعاء بأن كل مخلوق هو الله، وإلقاء السلام على الكلاب، والخنازير، والترحم على إبليس، ومحاولة الوصول إلى مقامه، وجعل فرعون أعلم من موسى بالله وتبرئة قوم نوح من الشرك، وجعل الرسول محمد هو الله المستوي على العرش.. هذه الأشياء قليلة جداً من هذا الدين الباطني الذي زعم المتصوفة أنهم نالوه عن طريق الكشف الصوفي"
فما هو الكشف الصوفي وما هي حدوده وآثاره؟ وهذا هناك فرق بين الكشف والمشاهدة؟ وهل هناك مرادفات للكشف والمشاهدة عند المتصوفة؟ هذا ما سنجيب عنه في المنشور

"
يعرَّف الصوفية الكشف بأنه بيان ما يستتر على الفهم فيكشف عنه للعبد كأنه رأي عين، قال أبو محمد الحريري: "من لم يعمل فيما بينه وبين الله تعالى بالتقوى والمراقبة لم يصل إلى الكشف والمشاهدة"، وقال النوري رحمه الله: "مكاشفات العيون بالإبصار ومكاشفات القلوب بالاتصال
فالكشف الصوفي يعني: "الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجوداً وشهوداً، وقيل هو الاطلاع على المعاني الغيبية من وراء الحجاب"
‫#‏أنواع_الكشف_الصوفي‬
يقول المتصوفة إن "من الكشف ما هو عقلي وهو ما يدركه العقل بجوهره المطلق عن قيود الفكر والمزاج، ومنه ما هو نفساني وهو ما يرتسم في النفوس الخيالية المطلقة عن قيوده المزاجية بأزمان الرياضات والمجاهدات بعد كشف حجب المباينات والممايزات، ومنه ما هو روحاني وذلك بعد كشف الحجب العقلية والنفسانية ومطالعة مطالع الأنفاس الرحمانية، ومنه ما هو رباني وذلك بطريق التجلي إما بالتنزيل أو بالعروج أو بمنازلات أسرار، وهذا النوع يتعدد بتعدد الحضرات الأسمائية، فإن للحق تجليات من كل حضرة من الحضرات الأسمائية وأعلاها هو التجلي الإلهي الجمعي الأحدي يعطي المكاشفات الكلية وفوقها التجلي الذاتي الذي يعطي الكشف بحقيقة الحقائق وبمراتبها الإلهية وبحقيقة الطبيعة الكلية"
‫#‏المشاهدة_وأحوالها‬
المشاهدة تعني المحاضرة والمداناة، وقيل هي رؤية الحق ببصر القلب من غير شبهة، كأنه رآه بالعين.. وأهل المشاهدة عند الصوفية- كما يقول السراج الطوسي- على ثلاثة أحوال:
الأول منها: الأصاغر، وهم المريدون، وهو ما قاله أبو بكر الواسطي (رحمه الله): يشاهدون الأشياء بعين العبر، ويشاهدونها بأعين الفكر.
والحال الثاني من المشاهدة: الأوساط، وهو الذي أشار إليه أبو سعيد الخراز، (رحمه الله)، حيث يقول: الخلق في قبضة الحق وفى ملكه، فإذا وقعت المشاهدة فيما بين الله وبين العبد لا يبقى في سرِّه، ولا همِّه غير الله تعالى .
والحال الثالث من المشاهدة: ما أشار إليه عمرو بن عثمان المكي، (رحمه الله)، في كتاب المشاهدة، فقال : إن قلوب العارفين شاهدت الله مشاهدة تثبيت؛ فشاهدوه بكل شيء، وشاهدوا كل الكائنات به، فكانت مشاهدتهم لديه ولهم به، فكانوا غائبين حاضرين، وحاضرين غائبين، على انفراد الحق في الغيبة والحضور؛ فشاهدوه ظاهرًا وباطنًا، وباطنًا وظاهرًا، وآخرًا وأولاً، وأولاً وآخرًا
نواصل .........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق